"الأخبار الزائفة والشائعات ليست ظاهرة مستجدة أو وليدة هذا الزمن، وإنما التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعل حظها من الانتشار أقوى.. الشعوب مستعدة لقبول أكذوبة تعاد ألف مرة وغير مستعدة لقبول حقيقة تقال لأول مرة"، هكذا إستهل المختص في علم الاجتماع سامي نصر حواره لمنصة icheck حول أسباب سرعة إنتشار الأخبار الزائفة.

وأرجع محدثنا هذا الانتشار الهائل للشائعات إلى ثلاثة أسباب، أولها أن سرعة إنتشار الأكاذيب والشائعات تؤكد أن كل إشاعة مرتبطة بموضوع مهم وغامض.

وثانيها أن يعيش شخص ما حالة من "التخمر" وبذلك تكون الإشاعات إفرازاً من إفرازات هذه العملية "التخميرة" والتي سماها عالم الاجتماع الفرنسي إيميل دوركايم حالة "الأنوميا" التي تؤدي الى نشر لاشعوري للشائعات وتسمى هذه الحالة بالإشاعات التلقائية.

وارجع المختص في علم الاجتماع كذلك الانتشار السريع الى أن الشائعات والاخبار الزائفة لها علاقة متينة بالإنتظارات والأمنيات.

وذكر محدثنا انه قام بتجربة إجتماعية في مواقع التواصل الاجتماعي وتبين من خلالها أن الشائعات التي كانت تُنشر في الفترة الأخيرة وخاصة من ما بعد 25 جويلية مرتبطة أساسا بالإعتقالات، الإقامة الجبرية، منع السفر، مساعدات دولية، مواقف دولية، فساد، محاولات فرار، وهو ما يجسد بشك واضح إنتظارات الشارع التونسي.

كما أشار إلى انه في حال غيرنا الاستشارة الإلكترونية وتم تعويضها بالشائعات والاخبار الزائفة سنفهم إرادة الشعب التونسي لأن الشائعات في جزء منها تكشف عن رغبات المواطن، وفق تعبيره.

وصنف المختص في علم الاجتماع الشائعات الى أنواع  تنتشر بسرعة وأخرى لا تنتشر بسرعة، وقال نصر ان في علم الاجتماع يوجد 11 تصنيف للشائعات، من بينها ما يسمى في .علم النفس ب"الإشاعة الزاحفة" أي البطيئة والتي تروج ببطئ وبطريقة سرية

"الإشاعات السريعة" أو "الطائرة" والتي تظهر بسرعة وتختفي بسرعة وتعاود الظهور من جديد. كما تحدث أيضاً عن "الإشاعات الإتهامية" وانتشر هذا الصنف من الإشاعات حسب تعبيره في ظرفية زمنية معينة أين انتشرت خلالها عقلية الشيطنة والشيطنة المضادة والتي خلقت وغذت بدورها الإشاعات الاتهامية خاصة في المجال السياسي وهدفها الحط من مكانة المنافس.

إضافةً إلى "الإشاعات الاستطلاعية" وهي ليست تلقائية وإنما مصطنعة وتهدف بالأساس إلى المس من نبض الشارع التونسي واكتشاف نسب الرفض أو القبول لدى الشارع التونسي.

كما تطرق نصر إلى "إشاعات الإسقاط" وهي مبنية على أساس توجيه التهم إلى أطراف أخرى قبل توجيه التهم للشخص المعني وذلك لإسقاط التهمة عن النفس، مشيراً إلى

وجود"إشاعات التوقع" وأساسها توقع ماهية المستقبل وماذا سيحصل في تونس وبناءا عليه يتم نشر الشائعة كأن ما يتم توقعه حقيقي.

من زاوية اخرى قال المختص في علوم الإعلام والاتصال فرج زميل ان الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع لأنها تتبنى شكل الأخبار الموثوقة وتبدو كأنها رسمية خاصة وانها مبنية وفقا للقواعد الصحفية حيث تكسب نوعا من المصداقية على مستوى الشكل والبناء.

وأكد زميط أن هذا الانتشار يعود بالأساس إلى اللعب على الاثارة ومشاعر المتلقي خاصة في فترات الازمات والنكبات حيث يكون من السهل التلاعب بمشاعر الجمهور.

وشدد محدثنا على أن الأخبار الزائفة تدغدغ مشاعر الجمهور ولا تتجه إلى عقله كإنسان مفكر وإنما تتجه نحو مشاعره.

وأشار المختص الى انه في حال تعرض الأشخاص لخبر زائف مثير للإنتباه خلال حياته اليومية سيقوم مباشرة بمشاركته وهكذا تنتشر السلسلة التي لا يمكن السيطرة عليها خاصة وأن طبيعة الميديا الاجتماعية تساعد على الانتشار الفيروسي للأخبار.

صابرين بن محمود


شارك